بيت شعري جادت به قريحة الشاعر الطيب المتنبي منذ زمن بعيد ضمنه حكمة عابرة للعصور تتكرر صورها في علاقاتنا الإنسانية و حتى المجتمعية، حيث تتجلى هذه الحكمة في العلاقات المغربية الجزائرية بأبهى حللها. فلا يختلف اثنان عاقلان على كرم و نبل المغاربة و الدولة المغربية من خلال مواقفها اتجاه الشعب الجزائري على امتداد القرون ولا أدل على ذلك شهداء المغرب في سبيل تحرير الشعب الجزائري من نير الاستعمار الفرنسي و اتخاد المقاومة الجزائرية للأراضي المغربية كقاعدة خلفية للمقاومة ضد الفرنسيين، غير أنه و بمجرد استقلال الجزائر ( إن كان هناك استقلال ) كانت مواقف الجزائر إزاء المغرب تتسم باللؤم و المناوئة للمصالح المغربية و لعل حرب الرمال – والتي نالت فيها الجزائر ما تستحق – أكبر مثال على لؤم السياسة الجزائرية اتجاه المغرب.
ولعل أبلغ مثال على جحود النظام الجزائري لكرم و مواقف الدولة المغربية ما بدر من السلطة الجزائرية اتجاه فريق النهضة البركانية الذي حل ضيفا على الجزائر لمواجهة اتحاد العاصمة الجزائري فما كان من السلطات الجزائرية إلا أن صادرت أقمصة الفريق المغربي بدعوى أنه يحمل خريطة المغرب والتي هي تعبير عل سيادة الدولة المغربية في مخالفة تامة لقوانين الاتحاد الإفريقي لكرة القدم صاحب المسابقة و المؤسس لقوانينها.
هذا الموقف الجزائري ذكرني بموقف الملك الراحل محمد الخامس سنة 1958 و في نفس السياق أي سياق كرة القدم حين أصر وفي إطار دعمه اللا مشروط للمقاومة الجزائرية ووفق مبدأ انصر أخاك ظالما أو مظلوما أصر على استضافة مباراة بين المنتخب المغربي الذي يمثل الدولة المغربية المستقلة و الكاملة العضوية في الأمم المتحدة مع فريق يمثل جبهة التحرير الجزائرية الغير معترف به من لدن الإتحاد الدولي لكرة القدم في تحد صارخ لقوانين الإتحاد الدولي لكرة القدم فما كان من الفيفا إلا أن حرمت المنتخب المغربي من المشاركة في كأس إفريقيا لأول مرة.
الخلاصة هو أن للزمن حكمته، ففي الوقت الذي استعملت فيه الدولة المغربية سنة 1958 كرة القدم لدعم سيادة الجزائر أمام المنتظم الدولي قام نظام هذه الأخيرة باستعمال نفس كرة القدم سنة 2024 لضرب سيادة المغرب و هو الشى الذي يجب على الجزائر أن تدرك استحالته و دونه الرقاب.
لذلك ” إذا أنت أكرمت الكريم ملكته، و إن أنت أكرمت اللئيم تمردا ”